موضوع: من راقب الناس مات هماً - مقال هالة محمود الأربعاء مارس 25, 2020 9:08 am
من راقب الناس مات هماً.. هكذا نسمع، لكن حينما يكون الشخص الذي يُراقب الآخرين، مراقبة حثيثة، وهو لا يعلم أن السبب الرئيس عنده هو، فهناك نقص في شخصيته، التي أصبحت عائقا قويا لدى من يُراقب الآخرين؛ لشعوره بأشياء وهمية ليست لها أي مكان في الوجود، هكذا هم، الذين يعملون على مراقبة النجاح من أجل الفشل.
صفة الضابطة العدلية.. هؤلاء البشر لهم صفة تميزهم عن غيرهم، ألا وهي صفة الضابطة العدلية.. أي أنهم وعلى حد قولهم يصفون أنفسهم بأن لهم علاقة قوية مع الجهات الرقابية، وأن منصبهم كذا وكذا، وأنهم يتحكمون في أعداد كبيرة من الموظفين مثلا، وبأن أعتى الرجال يهرون أمامهم خوفا، وكل هذا الكلام ما هو إلا نقص هرمون الشخصية لديهم، نسوا أن هناك ملائكة في السماء يسجلون أعمالهم التي تسجل تحت اسم الأعمال القذرة. أما الصفة الثانية التي تميزهم هي أن "الخُلد الذي تعود على العتمة، لا يمكن أن يطيق النور، الظلام بالنسبة له أمر طبيعي، والنور حالة غير طبيعية ولا تُطاق، وبعض الناس على غرار الخُلْد، تعودوا العتمة ولا يحبون النور. "علي عزت بيغوفيتش"" وهناك مساوئ أخرى فيهم سوف نوضحها في سياق المقال..
حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من أحاديثه الشريفة على إعلاء قيمة الوقت والعمل، فهذا له فائدة عظيمة تعود على الفرد والمجتمع، ومراقبة الناس تتعارض مع هذه الأحاديث، فهي مضيعة بل قاتلة للوقت، المراقبة ملهاة حياتية مؤذية تؤدي بصاحبها إلى الفشل في حياته عامة، فالفلاح يأتي من العمل على النفس، بينما الفشل يأتي من مراقبة شؤون الآخرين، وبذلك يخسر المراقب دنياه ودينه...
من صفات مراقب الآخرين.. الشعور الدائم بعدم الرضا مهما أعطاه الله تعالى من نعم الدنيا، وعدم الرضا يولد لديه شعور بالحقد والكراهية الغير مبرر، إلى جانب إدمان سلوك المراقبة، وهذا الإدمان يحطم عزيمة المراقب ويعلمه التواكل وليس التوكل.. 🤫ومن صفاتهم أيضا.. تحليل الأوضاع العامة بشكل مغلوط غير علمي، لإيجاد تفسيرات غير منطقية لحالات النجاح مثلا حينما يقول بأن سبب النجاح "صدفة أو حظ" ويعد هذا ليس تبريرا للنجاح بل هو تبريرا لفشلهم وعجزهم عن النجاح، فالمراقب لا ينجح في شيء يفعله بنفسه، بل لا يعرف كيف يخطط لمستقبله، وحين يخطط مستقبل أحد المقربين إليه يضع خطة فاشلة فشلا ذريعا...
كما أن الذين يراقبون الآخرين، لديهم أمراضا نفسية وأزمات وهم لا يعلمون، ومن أهم هذه الأمراض النفسية مرض الاكتئاب الشديد، وتصبح كل تصرفاتهم بعيدة كل البعد عن الواقع والمنطق، وهم أشخاص غير حياديين، ولا يصدقون القول وبالتالي هم يكذبون الجميع حتى لو تأكد بأم عينيه من صدقه يظل هناك بابا مفتوحا للشك... هؤلاء المراقبون كلما وجدوا أشخاصا ناجحين وسويين يجتهدون في تشويه صورتهم من أجل إعلاء أنفسهم المريضة، وحين يستمر المراقب في سلوكه هذا لفترات طويلة؛ يدفعه ذلك العمل إلى احتقار ذاته والتقليل من شأنه مع نفسه، والتقليل من قدراته، فهو عندما يراقب غيره تنجذب أنظاره إلى ما يميز غيره عنه، ويبدأ من هنا الحسد بأن تزول تلك الميزة وتصبح عنده هو.
هناك عوامل تثبت أن: فعلا من راقب الناس مات هما وهي: - مسألة مراقبة الناس ما هي إلا البحث عن المميز فيهم فدائما سيجد من هو أفضل منه وهذا يسبب للمراقب أزمة نفسية دائمة تؤثر على صحته.
- ظلم النفس... حيث أن المراقبة تعني وضع نقاط الضعف في المراقب أمام نقاط القوة في الآخرين، ويحكم المراقب على نفسه بأنه تافه ضعيف.
- سطحية تفكير المراقب للأخرين.. حيث أنه يراقب مظاهر ظاهرية خارجية ولا يركز إلا عليها ويبعد كل البعد عن الحالة النفسية الداخلية لمن يراقبه، ويظن بأن من يبتسم إذن هو سعيد.
- نسيان نفسه وحاله.. حيث في خضم مراقبة الغير واستمتاعهم بوقتهم ينسى نفسه واستمتاعه بالحياة.
- 🧐ضرر للذات.. فمراقبة الغير تؤدي إلى تدهور الحالة المزاجية التي تعكسها مشاعر الحقد والكره لمن يراهم أفضل منه، ويظهر كل هذا على وجه المراقب وتحفر التجاعيد المعطية لمظهر سيئ على وجه المراقب.
- ينسى المراقب للآخرين أن الحياة ليست سباقا، وأنه يوما ما تاركنها بلا رجعة.
- نسيانه نقاط قوة شخصيته أمام مميزات الآخرين.
- الانهيار العصبي.. الذي يأتيه من الجهد المبذول في المراقبة والمقارنة فيضع نفسه تحت ضغط عصبي شديد مما يسبب له التوتر والانهيار العصبي.
- يظن الشخص المراقب للغير بأنه يستطيع معرفة كل كبيرة وصغيرة عن حياته، وبأنه يستطيع التحكم به، لكن الحقيقة أن العكس هو ما يحدث، فإن الشخص المراقب للغير يقع تحت سيطرة الشخص المُراقَب لأنه سيطر على تفكير المُراقِب وبدأ في التحكم فيه، وفي هذا استهلاك للطاقة الإيجابية للمُراقِب ولا يستحوذ إلا على الطاقة السلبية التي تدمره...
"اللهم اشغلنا بطاعتك عن معصيتك، وبحلالك عن حرامك، وأغننا بك عمن سواك يا واسع الرحمة"