سارَ ظلي فسرتُ معه، من المجهول أتى وإلى المجهول سيمضي ..
منذ أن ولد فيّ لم يرحل عني، أتخذ جسدي ثوباً له، يبصر بعينيّ، يتكلُمُ بلساني، يسمعُ بأذني ، يمشي بخطواتي، يرقد في حضني حين أنام، زرعني وهماً في مخيلته، حصدته خوفاً في رأسي، وها نحن نحصدُ معا ماتبقى لنا من أيام، اقتربتُ منه أطلب حمايته، فاذا بهِ يرتجفُ مثلي، جلستُ على أول مقعد وجدته، فجلسَ قربي، التفتُ يميناً، يلتفت شمالاً، الحيرة تحيطني الضياع يلفه، لا أحد في الطريق سِوى أنا وظلي، المجهول بيننا ممتد بلا نهاية .
أمتلأ رأسي بصوت الصمت، شعرتُ بالخوف فشعر بيّ، اقترب مني، اقتربَ جداً، وإذا به يهمس في أذني طالباً أن أفارقه، سرتْ رعدة في أوصالي، الاضطراب يجتاحني، أصبح العالم غريباً عني، لم اعتد أن أعيش بعيداً عن ظلي، خوفي منه حماية لي، توسلتُ إليه أن لايتركني، ساد بيننا صمت رهيب، توهمت للحظات انني سأتمكن من العيش بدون ظلي، لا !! لا أقوى على فراقه !! ما شكلُ الحياة بدونه ؟ كيف ستمضي أيامي ؟ سالتْ الدموع تسترجيه أن يبقى وإذا بدموعي تسيل على خده، رقّ لحاله، رقّ لحالي، أحاطني بذراعه، سرتُ وسارَ معي خوفي وظلي .