رجل تجاوز الأربعين
لم يبق إلا الربع منه
امضى الحياة وفي سبلها
بحيرة مجنون
يشق على مزماره بالنفخ ليخرج الطير للسماء
سار في دروبها بطموح
فاقفلت دونه حواجز من كالح الحجارة
قصد المروج الخضر
ليزود روحه بفسحة أمل
فلم يبصر إلا الأشواك الصفر
وهي تتلمس قدمه الحافية لتدميها
قسم وقته بين العمل والجلوس وحيدا في المقهى
لم يملك الجرأة الكافية للاقتراب من أمرأة
والبوح لها عن مكنونات صدره
وهذا لم يمنعنه ابدا
ان يتخيل نفسه
يبادل احداهن ألحب
لم يرغب إلا بمعانقتها
والتجرع من رضاب كرومها
يبحث عن اسطورته فيها
عن بساط للريح ليقربه من أنفاسها
تبتلعه نظرات عينيها
فيمارس التيه والشرود يتجرد من كل شيء
القوة
الصلابة
والإصرار
رجل تجاوز الأربعين
رمادية أيامه
كزهر ذابل أحرقه الصقيع
واحتواه الضباب
تكسرت أجنحته تحت عصف الزعازع
فساده الصمت
الذي يحمل نغمات الحزن الجاثم فوق صدره
رجل لم يبق منه سوى
اسمه المكتوب في شهادة ميلاده
لجأ إلى أحلام اليقظة
فكانت مدفنا لأروع الامال
رقصت على جرحه
لعل النزف يندي عالم روحه
ويكون أكثر حنانا
وارق رحمة
رجل تجاوز الأربعين
ولم يبق منه الا القليل
جسده فرض عليه سطوته
حين اغتربت روحه
كان قدره ككومة حجارة
وقبلة لحبيبة لم تأت ولن تاتي
رجل تجاوز الأربعين
يبحث عن امرأة للزواج
كي يكون الجرح أقل
كي تكون قطعة الخبز أسهل
يتضرع لربه دوما في خشوع
أن يغرس داخل روحه
حبا لهذا الربع المتبقي منه
ليبتسم على الأقل.
افين حمو