الكلمة هي لحن الروح...هي سمفونية القلب
حينما تكون عذبة...طيبة...مهذبة...صادقة...فإنها تكون بلسما لأعماقنا المتعبة...
وعندما تكون قبيحة...سطحية...سيئة...فهي حتما ستهدم قوام الروح...وتذبلها...لترجع فصلا من فصول الحزن والإحباط...
القرآن الكريم هو مجموعة سور إلهية...نزلها الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم...وكل سورة قرآنية هي مجموعة كلمات..ربطت مع بعضها لتصنع من معانيها سحرا إعجازيا...لا يستطيع أحد أن يفكك شيفرة معانيه...إلا ذلك الذي يقرأه بتمعن وإيمان....ومن هنا ندرك أن الكلمة لها تأثير على روح الإنسان...فإذا كانت طيبة...حسنة..فحتما ستزرع بداخلنا كل زرع جميل من أمل وحب وإحتواء وإنسانية...وإن كانت سيئة....فحتما ستزرع بداخلنا أشواكا من الألم...لا تأبه إلا أن تلسع فينا سمها في كل لحظة....
ويبقى الإنسان الطيب..الحساس...هو الضحية الوحيدة التي ستدفع حتما ضريبة الكلمة....بكل معانيها...
فبفعل الخيبات والضربات المتكررة على سطح روحنا ونبضاتنا تحدث تغيرات نفسية وحسية بداخلنا...وتتغير نظرتنا للأحداث وحتى للعقول...ونصبح نلبس لباس الخوف وعدم الثقة فيما يدور حولنا ..وفيما يتهيأ لنا أنه جميل وطيب...
إنها الحياة....وإنهم البشر...وإننا القلوب...تنفجع بسهولة من وقع السقوط المبرح الذي نتج عن تجاربنا...وقراراتنا ...بعيدا عن أبجدية الصحيح والخطأ...فكلنا لا نعرف أين الصواب حتى نجرب ونخطأ...فنفهم ونعتبر.
ونحن كأمة إسلامية وجب أن تكون لها هوية معرفة....لها بصمتها الخاصة.......تفوح مسكا وعنبرا...تتعطر بالأخلاق الحسنة...والكلام الطيب...الذي يضيف الشجاعة والأمل والإصرار للنفس العليلة...التي انهارت بفعل الصدمات....
الكلمة الطيبة خير عند الله من الكلمة السيئة..وهي بداية لرسم طريق جديد...وآفاق جديدة...لهذا وجب إنتقاء كلماتنا بحذر حتى لا تصيب قلبا...فتقتله بدل أن تحييه...
فالكلمة الطيبة هي ثقافة فكرية...تبين الوجه الباطني للشخص...وكلما كانت الكلمة منتقاة بقدر من المحبة والاحترام والود...كلما كان صاحبها على قدر من الرقي والتحضر والإنسانية...وكلما نزل عن ذلك القدر...كلما كان ينتمي لأشباه الإنسانية...ولا يمد لها بأي صلة...
فالله حينما ميزنا وفضلنا على باقي خلقه...فهذا لأنه يعلم أنه يمكننا أن نكون كذلك...وليس بالشيء المستحيل..وذلك بظبط الشرور الذي بداخلنا...وكبت مشاعر الحقد والكره لبعضنا..والتعايش مع بعضنا بسلام وحب وطمأنينة مدركين أن الله سيعوضنا خيرا في كل ما يصيبنا...حتى تلك المصائب...ستزول يوما بحكمته وقدرته التي وسعت كل شيء....
نعم نحن نتغير...ونفقد الأمل كثيرا لأننا بشر ولنا قدرة محدودة على الاستيعاب...ولكن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها...لذلك ما هو ثقيل علينا اليوم...سيصبح خفيفا غدا بإذن الله...وهذه حكمة إلهية بحتة...الكل يدرك معناها...ولكن وجب فقط أن نؤمن بها....لأن الإيمان بالأشياء..هو من يدفعنا للوصول إليها..وليس مجرد معرفتها فقط...
فكل الأنبياء والمرسلون إبتلوا بأصعب ما أبتلينا...ولكنهم أفلحوا في الأخير...لأن إيمانهم بالله وقدرته كانت اكبر وأقوى من المصيبة نفسها....فلا نزر وزر ظروفنا الصعبة على نفوس الناس...ونجرحهم بكلمات قاسيه وحديث لاذع...ونقول ظروفنا صعبة...فلا ندم بعد ذلك إن مات قلب...أو انتحرت روح...وانكسرت أحلام...لأن وقت خروج الكلمة القاسية من الفم...فإنها ستصل إلى مقر القلب مباشرة...أين تحط رحالها...وتضع عشها..وتبيت لآخر العمر...فلينتقي كل لسان ما يتلفظ به من ألحان...ولا يجعل لحنه يكون لحن الناي الحزين..الذي لا يمل من مداعبة الروح في تعب....ولنحسن الظن بما يظهر لنا..فليس كل ما يتهيأ لنا أنه خطأ...هو خطأ..فلربما فاعله قلب طيب ...صادق..فعل الفعل بعفوية في ظرف غير مناسب..فإجتمعت الظروف عليه...وأوصلت فكرته خطأ إلينا....ونحن شربناها علقما..وهي في الأصل بلسما للروح...تفوح مسكا وعنبرا