"نقاء وعطاء"
لسانُ الثلج حيّانا
وزخُّ الحَبَّ أحيانا
بأمرِ الله من فيضٍ
وخيرُ الله قد حانا
قُدوم الثلج أنهارٌ
بهِ الغُلمان تزدانا
كما للطين إخصابٌ
وللأثمارِ بُنيانا
إلى الشباكِ أقْبَلْتُ
سَمِعْتُ الطرقَ ولهانا
فمرحى! قلت تهليلاً
وكَمْ يشدوهُ دَعوانا
يزفُّ الأرض ثلجاتٌ
وبعد القَحْطِ أثرانا
فللنقراتِ ألحاناً
وللأرواحِ أشجانا
ونقرُ الحَبّ انغامٌ
كأن العزف غنّانا
لقد أسكَتُّ همساتي
فنادَ الصمتُ هيمانا
فصوت الرعد تهليلٌ
لذكر الله أقصانا
قبابُ القدس أبقاها
كنورٍ زفَّ مُرجانا
قبابٌ نورَها يسمو
وحاميها الذي صانا
وبَعْثُ البرق أنوارا
إلى مَنْ كان سهرانا
فجاء الريحُ مصحوباً
ولحن الحُبِّ عنوانا
ندهتُ الصحبَ مختالاً
جمعتُ الأهلَ فرحانا
لنشدوا الليل تسبيحاً
وفاضَ القلبَ إيمانا
وقد هلَّلْتُ تكريماً
لحمد اللهِ شُكرانا
ومثلُ الطيرِ حلَّقْتُ
رأيتُ البدرَ سرحانا
وفي نبضي شذى عطرٍ
شفيفٌ زار بلدانا
بأرض الله أسرَيْتُ
سَعَيْتُ لكلِّ مَنْ عانى
فكم أعطَتْ لنا الدنيا
مِنَ الثَمَراتِ ألوانا
وذا خيرٌ بها منذ
ولادة كلّ حيرانا
بُعِثْنا الكون أحراراً
كتابُ الله قرآنا
سعينا الرزق أعواماً
وكان الرزق مجّانا
فنور البرق أسعَدَنا
وذاكَ الرعد يقظانا
فأصلُ الناس من ماءِ
وطينٍ صار إنسانا
لبعض الناس وجهان
ملاكٌ صار شيطانا
يصبُّ المكر في كأسٍ
ويَسقي الناس فرحانا
إلى أهلٍ وأصحابٍ
وبئسَ العيشُ مسعانا
وينسى كلّ ظمآنٍ
وأصبَحَ كان ما كانا
فيا لله يا وَطَني
إذا ما عاد ضَيْعانا
فكَمْ طفلاً بلا مأوى
وشيخاً باتَ بردانا
وكم بيتاً بلا سقفٍ
ولفحُ البرد أعيانا
غفونا دونما نعسٍ
صياحُ الديكِ صحّانا
فلا والله لن نرضى
لأنَّ الناس إخوانا
عطاءُ اللهِ أضعافٌ
إذا يُثريكَ رِضوانا
....عفاف غنيم...