الساعة قاربتْ على الواحدة ظهراً، كل شي تمام، المطعم جاهز لاستقبال الزبائن، أعطيت أوامري للعمال، وبهذا أكون قد أنهيت ماتوجب عليّ فعله، حسناً، ماذا أفعل الآن ؟ الوقت مبكر على المغادرة، تصفحتُ حسابي الفيسبوكي، علقتُ على بعض المنشوراتِ وأبديت أعجابي بالذي أعجبني، مسحتُ بعض الرسائلِ الواردة ومازال الوقت لا يريد أن ينتهي ، ماذا أفعل ؟؟ لستُ متعودة على الجلوس هكذا، ثم اهتديت، سأكتبُ قصة !! نعم، هذا هو الحل لانتصر به على الوقت وأجعله يمر دون أن يترك آثار الملل واضحة عليّ، وما أن أمسكتُ بالقلم لأكتب وجعلتُ الكراسة تحته لتبادرتني بالكلام مساعدتي في العمل أم أحمد :
- والله يا أم سيف، اليوم رجع البرد من جديد، والله حّرنا، هذا الجو لاعب بينا لعب، مدري أنشتي مدري أنصيف !!!
نظرتُ إليها ولم أتكلم، علها تفهم أني لا أريد أن أتحدث معها الآن، سكتتْ، الحمد لله، ربما فهمتْ، رجعت إلى قلمي استجديه الكلمات، كتبتُ كلمتين، كلمتين فقط، حتى هتفتْ أم أحمد :
- شنو هذا البلد الميت ياربي، إحنا إشجابنا هنا، لو عدنا بلد بيه خير جان ماجينا هنا، يله الحمد لله على كل حال، تفرج، نظرتُ إليها باستغراب، وأيضا لم أتكلم، علها تفهم، سكتتْ، وأخيراً، جلستْ قبالتي، نظرتُ إليها من تحت نظارت ، وجدتها سارحة، آه !! ما أجملها حين تسرح، استانفْ عملك أيّها القلم، وما أن بدأتُ بالكتابة جتى بادرتني بالسؤال :
- جوالج مشحون ؟
رغم أني لا أعرف مناسبة السؤال، إلا أني منعاً لتبادل الحديث معها أجبتها :
- نعم مشحون، يعني ما أريد أنطيها وجه، بس ماكو فايده، أخذت الوجه دون استاذان ، استانفتْ الحديث :
- الواحد لازم يشحن جواله، إيصير ميصير ..
رفعتُ رأسي إليها :
- أم أحمد، بس فهميني شيريد إيصير لو بقى جوالي بدون شحن، استغفر الله،هززتُ رأسي علها تفهم انزعاجي من كلامها، سكتتْ، الحمد لله ، وبدأت أكتب ..
ما أن دق الصباح على نافذة غرفتي حتى قررت أن أخرج بصحبة يومي، فاذا بها تسألني :
- أم سيف كليلي شسوي ويه ابني، ولم تنتظر سؤالي عما فعله ابنها بل تطوعت مشكورة وأخبرتني، ابني عايف مرته وسارح ويه البلغارية وما أعرف شسوي، استانفت بلهجتها الكردية، والله ميسير، والله حرام ..
- عادي أم أحمد الرياجيل كلهم عيونها فارغة، هسه يمل من البلغارية ويرجع،
بعدين الرجال يلف يلف ويرجع لمرته، لديرين بال، سكتتْ، يبدو أن جوابي المحتال قد أقنعها ، الحمد لله، وأخيرً سكتتْ، رجعت أستانف مابدأته، فاذا بها تسألني :
- أنتِ شنو دتكتبين ؟؟
- لا !! الآن الأمر خرج عن سيطرتي، أجبتها وإمارات الغضب أخذت طريقها واستقرت فوق ملامحي :
- قصة، أكتب قصة .
أجابت وهي تهز يدها الصغيرة :
- والله يالله، إنتي أشكد بطرانة، الناس وين وإنتي وين، هي مال قصة أبهزلك .
كان بودي أن أسالها شنو يعني أبهزلك، لكنها تداركتْ الموقف وهربتْ من أمام ، كسرتُ قلمي ومزقتُ أوراقي، وذهبت لتفقد المطعم، هي مال قصة أبهزلك ..