من همسات شفاه المروج والوديان والروابي والسهول و الانهار و الغابات بإحدى الأوطان تعودت إحدى الغيمات الغنيات بالأعالي أن تسمع إبتهالات و نداءات إستغاثة صادرة من هناك ... فاضت شوقا لقطرات الحنان ذبل شبابها وأضناها الصبر .. وطول انتظار وصول النجدة وزادت وحشتها ... فتشققت روحها بجفاف بالوحدة.. فكانت هذه الغيمة متشوقة لتتصدق بالحب هناك.. لكن بسبب عناد الرياح الهوجاء كان محرما على الغيمات زيارة تلك الاراضي. لأنها لم تركع لها يوما.. ولم تتواطأ معها في قضايا فساد.. فكلما هبت عاصفة مع قدوم الشتاء.. و مهما اتلفت وكسرت لها سيوف الرياح كانت روح تلك الاوطان تعود بثقافة الاعمار أقوى مما كان... لهذا لم تعترف للرياح يوما بأنها سبب ولادة الحياة أو نهايتها فكانت الرياح تصدر عقوبات بحقها. وتقود دوما الغيمات على هواها والى أماكن اكتفت من كرمها... واحيانا الى اماكن صخرية قاسية لا جدوى من سقيها... كانت الرياح تجد دوما مبررا لقسوتها كانت الرياح تقنع الغيمات ان تلك الاماكن لا تستحق رحمتها لهذا لا تسافر الى محطاتها إلا نادرا جدا. هذه المرة رق قلب احدى الغيمات فأحتكمت الى ضميرها وسقط الغشاء من عينيها فآستجمعت شجاعتها وانسلت من بين الغيمات المستسلمات لمزاجية الرياح.. لتلبي نداء تلك المساحات المكلومة ولم تقم اعتبارا لجبروتها ولم تخضع لتهديدات الفشل جاهدت الغيمة غاية الجهاد لتصل الى وجهتها ... لتدب نبض الامل بتلك الشرايين وفي رحلتها زكت من ماءها على من صادفت من طلاب الحياة... فكانت تزداد حماسة مع توالي الايام... الى ان تعانقت مع تلك المساحات و تغلغلت الى أعماقها وفاضت بالخيرات... وكان اللقاء احتفاليا نسوا فيه حرقة الاشواق.. وتغنت أطيارها على أغصانها أنشودة شكر للحياة بمياه الغيمة التي وهبتها أشكال الحياة.