* حبيبة * ........ (١)...... هناك وفي بقعة بعيدة بين ثناياها، جلست على ضفة من ضفاف قلبها الصغير، تنظر إلى مياه زرقاء أمامها، الشمس ساطعة ترسم خيوطاً ذهبية تبعث الدفء وتعانق أملاً ورديّاً في روحها. على شاطئ ذكراها تنتظر موعداً انتظرته طويلاً، ربما يتحقق. اتكأت على منضدة منسوجة من عبق حب طوته الأيام عبر صفحاتها، ترمق السماءَ تناديها بصوت خفي، يتدفق بين حناياها حب كامن بين ضلوعها، تتساءل أليس اليوم موعد اللقاء؟ بلى هو وعد به. هل سيأتي ذلك البعيد؟ سيعود إلى سكنه إلى وطنه،، لطالما قالها كثيراً " أنتِ وطن أستكين به، طالما تغربت في قلوبنا الأوطان ". هل سنلتقي يا أنا؟ أم أخذته الأيام بعيداً، وتعثرت به الخطى وتاه عن الشطآن.. طلب مني الانتظار، كان موعدنا هنا بعدما زال بنبضه دجى الظلام.. هل عليّ الانتظار؟ "هي تحدث نفسها " سأنتظر وأنتظر حتى يحين الآوان فما لي غير البقاء. ساعات مرت وهي تنتقل بين وجوه عابرة،، تختلس النظرات بين هذا هذا وذاك ، تتأمل ملامحاً غريبة، تبحث عن مبتغاها. ما رأت بعينيها غير ملامح باهتة نثرت عليها الايام غبار الشجن والحنين، لا تعرف منها وجهاً، لم تميز بين تلك الوجوه هي،، متشابهة تلك الملامح عبر سفر الأيام، فتعود خائبة إلى كهف انتظارها، تستسرق السكون من قلبها خلسة، أدمع تجول بين جفون تلك العيون الناعسة، الكحيلة برونق ربيع مفعم بعشق الجمال، شجن يستكين في ربوعها، فتعود إلى شراع عمرها لتعانقه بحرارة المحبين، وتمضي بها سفينها وتحلم بأن تجد مرساها يوماً. وسط الزحام، وعنفوان الانتظار، وثورة البحث بين خبايا عمرها عن زاد فؤادها، ينتفض ذلك الفؤاد وترتعش تلك الأنامل التي كانت ترسم الأمل المزهر في صفحات قلبها، خارت قواها، رمقته من بعيد، هو ذلك الحبيب هو أمامها بكل يقين. نهضت من سباتها، طارت روحها اليه، قد حان الموعد المنتظر، هل حلّ اللقاء؟! هل انزاح الستار؟ هل صالحتني غيمتي؟ هواجس تمتمت بها فبل ان تزهر الروح في فؤادها. هلل القلب فرحاً اعتلت وجهها ابتسامة تفوق سعة البحار. ناداها فؤاده.. هلمي يا حلمي البعيد، مدّ يده لها، احتضن قلبها تلك اليد التي تنبض دفئاً لها. زمن مستقطع من العمر مرَّ وكأنه برهة لهما، وسط سكون تصارع فيه الصمت على البوح تغزلت بسمات الوجوه ورجفت عيون القلب ليبدأ حديث الصمت وكأنه يسافر عبر الأمصار. تمتمت بكلمات تعاتب بها الفؤاد، انتظرتُ طويلاً وبحثت عنك بين مرافق الروح والعمر. يهمس في قلبها سمعت نداء نبض الروح فلبيتُ النداء، هو شوق وحنين ملأ الفؤاد، بك أحيا وعلى مينائك أرسو وأستكين، بل عهد بيني وبينك مادام في العمر نبض وحياة. يا انا تعبت النفس من الجرح والخذلان، سافرتْ طويلا ومكثت زمناً عتيّاً ليصفو كدر سنينها وتستكين. ها انا عدتُ لسكني فأزيل ستار الغمام ولا فراق للقلب ولا له عصيان.. ولكني لا أعلم يا منيتي مابال الانتظار يخيم على مراسينا.. يا أنا ألم أكن لك الحبيبة!؟ بلى كلما جن الحنين.. وبينما هي تهيم بين وميض اللقاء ولوعة الانتظار صدى صوت جارف يأتي من بعيد ليستقر في أحشائها، ترتعب جوانحها ينتفض قلبها تستجيب له.أما زلتِ هنا.. ماذا تفعلين.. ماذا تنتظرين.. من أنتَ؟ يا لك من قاسٍ دفين يلف حناياها بلطف، ألا معي تعودين؟.. عرفتك يا ظلي.. ولكن أما حان وقت اللقاء؟ يا حبيبة.. يقولها بشجن وحزن أليم هو عُمر ينقضي بين حين وحين، محطات ننتظر فيها، تزهو أيامنا زمناً وتجف ربوعها أزمان.. تتسربل تلك الكلمات الى حناياها لتعرف طريق الوصول الى خلاياها لتعرف كيف تستقر بدواخلها فتنتفض ثناياها ويثور حبها العليل، لكن الدرب سقيم يحتاج لمن ينثر زهور الربيع فيه، بل هو سفر بين القلوب، تتشابه الوجوه. ولكنها وعود وعهود.. يا حبيبة.. ليس بعد، لم يأتِ الوقت والحين.. تنتفض من مكانها، تهدأ ثورة أركانها، وقفت ممتشقة وعبرات تضيع فيها الأماني، أنهضت قامتها مرتكزة على قلب مكلوم، وجرح جديد لفؤاد عشق عبق الزهور والياسمين. ارتعشت يداها وهي تطوي صفحة من العمر تاركة جوفها في ذلك المكان الحصين لعله يفوز بلقاء قريب. نادتها السماء باستحياء يا أيتها الرقيقة، لا بد لك وأن تنعمين.. تنفست الصعداء بقوة، وارتشفت جرعة كبيرة من كأس الانتظار، واستفاقت من حلم وردي، فتيقنت حينها أنها في محطة من محطات الانتظار،، وتتوالى المحطات.. وتبقى كما كانت حبيبة.. حبيبة ## نجلاء جميل ##
أمس في 5:16 pm من طرف bedoorsayed
Ahlamontada 
موضوع: * حبيبة * (١) - نجلاء جميل 