ليلة وداع ----- للمتألقة نجلاء جميل
** ليلة وداع **
______
وكأنه صديق حميم ، يأبى بأن يبرح مرساه ، وإن نأى ليبحث عن كهف يلوذ به ، يعود مسرعا ليرسو على شاطئه ..
يباغتني كثيرا ، يدنو مخدع الثنايا ، يشد أوصالي إليه بقوة ، يلثم نبض الفؤاد بأريج وجع قادم ، فتتهاوى أوراقي أمامه ذليلة ليعلن انتصاره بعصيانه لرجائي لطالما كان هو النجوى معه عله يرعاه .
فيكشف الغمام عن وجه خفي له، ليسقط القناع عن حقيقة أبدا كنا ننساها ، أو الحق يقال كنا نتناساها .
كأنه شبح يدور حولنا ، يبحث عن زاوية هشة بين حنايانا ليغزونا فيقول .. ها أنا هنا .. إنه الحقيقة في الحق التي دوما نفر منها ..
أناجيه فيا ليته يسمع نجوايّ ، أما آن الأوان لتغفل عن سحق قلوبنا وترك ندوب الألم من غير حفر أخاديدها ؟! أما اكتفيت من اقتحام أسياجها النازفة ؟!
جعلت من جفوني وترا ، تعزف عليه ما يطيب من دجى الظلام دهرا
أيا أنت .. ألا تسمع ندائي !؟
أيها الفراق الدامي أما أسقطت صفحتي من بين أسفارك ، أم أخذت عهدا عليّ بأنك الحق الباقي ؟! شكوتك لرب السماء ، هو من يسمع الرجاء .
بحر في الفضاء أنت ، أسافر فيك عبر منهل منك أبكاني ، أمواجك عاتية ، كلما هدأث ثورة البركان بدواخلي نثرت فيها روحك العتية ، شمسك تصطلي ظلي ، رويدك .. أنا أجيد فنون التلون ، فأنا وكينونتي سرٌ ..
أيا بُشرى ، كانت هناك بُشرى ، تناثرت بقاياها ، فغدت طيفا تجود بسناها ، على روح تاقت لمرآها ..
ألا أيها الفراق المغموس بين حنايا الموت ، سألتك رفقا
وحسنا..
أ أبكيك يا بُشرى ، أم أرثي صفحات لأسفار تُطوى واحدة تلوى الأخرى ؟ أيقنتُ دوما أنه الحق ..
حقا .. أيها الموت ، فإنك والله لحق
## نجلاء جميل