( معراج الوجد)
يأتيني في اللِّيل:
يُجرِّدُني بعينه(اليسرى) من كلِّ ما أرتديه، يُعاينُ بها كلَّ تفاصيل جسدي؛ فيضبُطها على مقياس ارتعاشه، ويرصد نبضه على درجات ارتجافي...
ثم يكسوني- بعينه اليمنى- بعد الارتجاف بردًا، ثم بعد البرد ارتعادًا، فنهبًا، فأتهاوى في مسقط عينه اليسرى من جديد!
**
وكأنَّه البحر:
تتقاذفُني روحُه في يمِّهِ، يطويني في يمينه، يصحبُني في رحلةٍ عجيبةٍ إلى آعاصيره، تتقاذفُني رغباته، تتجاذبُني أمنياته، تتقاسمُني أذرعه، تتوازعُني أصابعه...
فيبصمني إبهامه إيمانًا، تُشهدِني سبَّابته، تكفلُني واسطته، فألوذ ببنصره؛ ليُعيد إشعالي بخنصره....
أستنجدُ بيده(اليسرى) أرتمي في بَرِّها،
فأنبتُ في كل سُلامةٍ غيمةً، وفي كل غيمةٍ مزنةً، وفي كل مزنةٍ لمسةً.... لمئة حياة.
**
أضيع في مداه:
يشهقني برئته(اليمنى) لأصبح ذرَّة أوكسجينٍ نقيٍّ لا يشبهها أحد في نقائها إلا طفلٌ يسكنه، يسترضعُ الحبَّ من ثدي أمِّه.
يأتي على هيئة نظرةٍ، أو على شكل ثغرٍ، أو على سبيل صوتٍ، يُعلِّق حباله في حنجرة الحلق، فيجول فيها مجال الأنين في الوجع والصَّدع في السمع، فيزفرني لأخرجَ من رئته(اليسرى) على هيئة آهٍ تنصهر في شهقة اسمه.
**
تلفُّني
ساقه اليُمنى
حتى تحنَّ يسراي
فأجزع
حتى تحنوَ يسراه
فأُطلقَ
يُمناي
بلا ساقٍ ولا ذراع!
**
يشقُّ صدري
لينحتَ اسمه
وشكله
ثم يُخيطه لتنبتَ روحي
وتُولدَ من جديدٍ
في كلِّ حرفٍ من اسمه
وفي كل لمحةٍ
من وجهه وصوته.
**
يرفُّ
في قلبي
بجناحٍ مهيضٍ
كلَّما رفعه
تألمتُ
وكلما أسدَلَه
صرختُ.
**
يصرخ عطشاً أمام سراب بقيعي، أستصرخه دفئًا يُنقذني من صقيع المسافة...
ورغم كلِّ ذلك:
يَسكنُني، يَكتبُني، يُشعلُني، يُبلِّلني، يلجُني.. كما يلجُ الضوءُ العتمة.
إيمان