رنتْ أجراسُ الصباح على نافذتي .. فعزمتُ الخروج برفقة يومي المشرق الجميل .. المملوء تفائلاً وفرحاً ..
سّرنا ساعة من الزمن .. كنا خلالها سعيدين .. دخلنا غابة كبيرة ..
افترشنا أرضها بساطاً لنا .. صوتُ خرير الماء في الجدول كانَ يشبهُ أغنية لراهب عاشق .. الطيورُ فيها تغردُ لنا ..
ثمة شجرة عجوز .. مدتْ أغصانها فوقنا .. كأنها قديس يمسحُ على رؤوس المصلين .. جذعها محفور عليه جميع أسماء العشاق الذين مروا من هنا ..
تجاذبنا أطراف الحديث .. استمتعنا بالوقت الذي مرَ بنا ..
فجأة رأيتُ أحلامي وهي ترقصُ بين الأشجار ..
تلوح لي من بعيد بيديها الرقيقتين ..
يا إلهي .. ما أجملها .. كأنها حورية خرجتْ للتو من أعماق البحر تغوي البحارة بفتنتها .. انشغلتُ بها عن يومي ..
نادتني .. تبعتها .. طافتْ بيّ أرجاء الغابة ..
ذهبتْ بيّ إلى عالم من الخيال لم أعرفه من قبل .. وعدتني بكل ما هو جميل أنّ أنا بقيتْ معها ..
ما أرقها .. توسدتُ ذراعها .. أخذتني غفوة .. كانت أحلامي معي .. لم تتركني .. ترسم لي دروباً وردية ..
تحيطُ بها الرياحين والأزهار .. دروباً لم يمشِ فيها أحد غيري ..
أخذتني غفوة لذيذة ..
وحين أستفقت لم أجد أحلامي .. رحلتْ وتركتني أتلفتُ حولي .. لم أجد سوى ذكريات .. أحاطتني بذراعيها السوداويين من كل جانب .. لم تترك لي أيُّ منفذ .. أتتْ بكلِ أحزاني وآلامي ..
ملئتْ عيني بالدمع و بالوجع قلبي ..
هربتُ منها .. لاحقتني في كل مكان .. أختبأت خلف صخرة كبيرة ..
حل عليّ الظلام كثيفاً .. تحيط به جنود جبابرة من الخوف ..
حينها تذكرتُ يومي ..
بحثتُ عنه لعلي أجده .. لكنه مضى تحت عباءة الليل ..
عدتُ وحيدة .. خائفة حائرة .. بعد ضياع يومي ..
فقد كان هو وجودي ووطني ••
......................................